تعود علاقة جبران بالدّين البهائي وبالبهائيّين إلى عام 1910 عندما انتقل للسّكن في نيويورك، والّتي بقي فيها حتّى وفاته عام 1931. كان يسكن في منطقة مانهاتن غرينويتش، مقابل بيتٍ كانت تسكنه بهائية أمريكيّة هي جوليت تومسون. كانت جوليت، مثل جبران، فنّانة تتقن الرّسم والكتابة، فنشأت بينهما صداقة تعرّف من خلالها على رسالة حضرة بهاء الله، واطّلع على كتاباته العربيّة الّتي وصفها لجوليت بأنّها "أسمى أنواع الأدب المحيّر للألباب" . توطّدت أواصر الصّداقة بين الفنّانين حتّى وفاة جبران، وقد كانت جوليت إلى جانبه في اليوم الّذي فارق فيه الحياة.
وصل حضرة عبد البهاء إلى نيويورك في 11 نيسان 1912، وكان جبران من أوائل الّذين التقوا به في منزل جوليت. كان حضرة عبد البهاء آنذاك في الثّامنة والسّتّين من عمره، فيما كان جبران في ربيعه التّاسع والعشرين.بعد أربعة أيّام من قدوم حضرة عبد البهاء إلى نيويورك، وصل خبر غرق سفينة تيتانيك، فغمر جبرانَ الحزنُ لأنّ أكثر من خمسين لبنانيًّا كانوا من بين الغرقى. ذهب في ذلك اليوم للقاء حضرة عبد البهاء، ودعاه لإلقاء خطبة أمام جمعيّة "الحلقة الذّهبيّة"في نيويورك عن وحدة الأديان.
في 19 نيسان، وكان اليوم الأخير لزيارة حضرة عبد البهاء الأولى لنيويورك، حضر جبران إلى بيت جوليت الّتي توسّطت له عند حضرته حتّى يسمح لجبران برسم لوحة له، فبقي جبران في محضره مدّة ساعة يتبادلان أطراف الحديث، وبعدها رسم لوحة لوجه حضرة عبد البهاء ما زالت موجودة في متحفه حتّى يومنا هذا. بعدما أنهى جبران رسم حضرة عبد البهاء، ذكر لجوليت أنّه: "لأوّل مرّة أشاهد هيكل إنسان على قدر من النّبل يجعله أهلاً ليحلّ فيه الرّوح القدس". بعد أعوام من لقاء جبران بحضرة عبد البهاء، وعندما كان يكتب كتابه (يسوع ابن الإنسان)، نقلت جوليت عنه قوله لها إنّ شخص حضرة عبد البهاء كان موجودًا في مخيّلته.
عبد البهاء بريشة جبران
وصف جبران حضرةَ عبد البهاء لماري هسكل بقوله: "إنّه رجلٌ عظيمٌ جدًّا. إنّه رجلّ كاملٌ؛ ففي أعماق روحه عوالم، وما أروع صفحة وجهه، وما أجمل ذلك الوجه الصّادق كلّ الصّدق، المليح كلّ الملاحة".
خلال الأسبوع الّذي أمضاه حضرة عبد البهاء في نيويورك،حضر جبران ثلاثة اجتماعات عامّة ألقى فيها حضرة عبد البهاء خطابات تدعو إلى الوحدة والسّلام، وكان يقوم جبران أحيانًا بترجمة أحاديثه للجمهور إلى الانجليزيّة.
بعد مضيّ سنوات على لقاء جبران بحضرة عبد البهاء، اجتمع البهائيّون في نيويورك، ذات مساء في قاعة المركز البهائي في المدينة، لمشاهدة فيلم متحرّك يعرض زيارة حضرة عبد البهاء لأمريكا. حضر جبران إلى ذلك الاجتماع، وكان يجلس إلى جانب جوليت في الصّفّ الأمامي، وعندما شاهد حضرة عبد البهاء يتحرّك أمامه على الشّاشة أجهش بالبكاء. عندها طلب الحضور منه إلقاء كلمة في المناسبة، فقام على التّوّ ووقف على المنصّة، فيما كانت عيناه تغرورقان بالدّموع، وخاطب جمهور البهائيّين الأمريكيّين قائلاً لهم: "أُعلن أنّ عبد البهاء هو مظهر الله في هذا اليوم"، ولم يَزِدْ على ذلك
أيّ شيء، وكانت دموعه ما تزال تنهمر، فنزل عن المنصّة وعاد للجلوس إلى جانب جوليت، فأمسك بيدها، وقال لها: "لقد فَتَحْتِ أمامي بابًا في هذه اللّيلة"، وغادر بعدها القاعة.
المصادر: - عبّاس أفندي لسهيل بديع بشروئي، منشورات الجمل، بيروت، 2010، صص 130-132. http://abbaseffendibook.org/
- Juliet Remembers Gibran: As told to Marzieh Gail' in World Order, 12:4, 1978, pp. 29-31
تعود علاقة جبران بالدّين البهائي وبالبهائيّين إلى عام 1910 عندما انتقل للسّكن في نيويورك، والّتي بقي فيها حتّى وفاته عام 1931. كان يسكن في منطقة مانهاتن غرينويتش، مقابل بيتٍ كانت تسكنه بهائية أمريكيّة هي جوليت تومسون. كانت جوليت، مثل جبران، فنّانة تتقن الرّسم والكتابة، فنشأت بينهما صداقة تعرّف من خلالها على رسالة حضرة بهاء الله، واطّلع على كتاباته العربيّة الّتي وصفها لجوليت بأنّها "أسمى أنواع الأدب المحيّر للألباب" . توطّدت أواصر الصّداقة بين الفنّانين حتّى وفاة جبران، وقد كانت جوليت إلى جانبه في اليوم الّذي فارق فيه الحياة.
وصل حضرة عبد البهاء إلى نيويورك في 11 نيسان 1912، وكان جبران من أوائل الّذين التقوا به في منزل جوليت. كان حضرة عبد البهاء آنذاك في الثّامنة والسّتّين من عمره، فيما كان جبران في ربيعه التّاسع والعشرين.بعد أربعة أيّام من قدوم حضرة عبد البهاء إلى نيويورك، وصل خبر غرق سفينة تيتانيك، فغمر جبرانَ الحزنُ لأنّ أكثر من خمسين لبنانيًّا كانوا من بين الغرقى. ذهب في ذلك اليوم للقاء حضرة عبد البهاء، ودعاه لإلقاء خطبة أمام جمعيّة "الحلقة الذّهبيّة"في نيويورك عن وحدة الأديان.
في 19 نيسان، وكان اليوم الأخير لزيارة حضرة عبد البهاء الأولى لنيويورك، حضر جبران إلى بيت جوليت الّتي توسّطت له عند حضرته حتّى يسمح لجبران برسم لوحة له، فبقي جبران في محضره مدّة ساعة يتبادلان أطراف الحديث، وبعدها رسم لوحة لوجه حضرة عبد البهاء ما زالت موجودة في متحفه حتّى يومنا هذا. بعدما أنهى جبران رسم حضرة عبد البهاء، ذكر لجوليت أنّه: "لأوّل مرّة أشاهد هيكل إنسان على قدر من النّبل يجعله أهلاً ليحلّ فيه الرّوح القدس". بعد أعوام من لقاء جبران بحضرة عبد البهاء، وعندما كان يكتب كتابه (يسوع ابن الإنسان)، نقلت جوليت عنه قوله لها إنّ شخص حضرة عبد البهاء كان موجودًا في مخيّلته.
وصف جبران حضرةَ عبد البهاء لماري هسكل بقوله: "إنّه رجلٌ عظيمٌ جدًّا. إنّه رجلّ كاملٌ؛ ففي أعماق روحه عوالم، وما أروع صفحة وجهه، وما أجمل ذلك الوجه الصّادق كلّ الصّدق، المليح كلّ الملاحة".
خلال الأسبوع الّذي أمضاه حضرة عبد البهاء في نيويورك،حضر جبران ثلاثة اجتماعات عامّة ألقى فيها حضرة عبد البهاء خطابات تدعو إلى الوحدة والسّلام، وكان يقوم جبران أحيانًا بترجمة أحاديثه للجمهور إلى الانجليزيّة.
بعد مضيّ سنوات على لقاء جبران بحضرة عبد البهاء، اجتمع البهائيّون في نيويورك، ذات مساء في قاعة المركز البهائي في المدينة، لمشاهدة فيلم متحرّك يعرض زيارة حضرة عبد البهاء لأمريكا. حضر جبران إلى ذلك الاجتماع، وكان يجلس إلى جانب جوليت في الصّفّ الأمامي، وعندما شاهد حضرة عبد البهاء يتحرّك أمامه على الشّاشة أجهش بالبكاء. عندها طلب الحضور منه إلقاء كلمة في المناسبة، فقام على التّوّ ووقف على المنصّة، فيما كانت عيناه تغرورقان بالدّموع، وخاطب جمهور البهائيّين الأمريكيّين قائلاً لهم: "أُعلن أنّ عبد البهاء هو مظهر الله في هذا اليوم"، ولم يَزِدْ على ذلك
أيّ شيء، وكانت دموعه ما تزال تنهمر، فنزل عن المنصّة وعاد للجلوس إلى جانب جوليت، فأمسك بيدها، وقال لها: "لقد فَتَحْتِ أمامي بابًا في هذه اللّيلة"، وغادر بعدها القاعة.
المصادر:
- عبّاس أفندي لسهيل بديع بشروئي، منشورات الجمل، بيروت، 2010، صص 130-132.
http://abbaseffendibook.org/
- Juliet Remembers Gibran: As told to Marzieh Gail' in World Order, 12:4, 1978, pp. 29-31