المشاركة في خدمة المجتمع

إن التغييرات التي نشهدها في العالم اليوم والتي ستفضي بحسب التعاليم البهائية إلى تحقيق وحدة العالم الإنساني، لن تتحقق إلا إذا ما حدثت تحولات لدى الأفراد ولدى المجتمع على السواء. فالتحول لدى الأفراد يتطلب تنمية القدرات التي من خلالها يرقّي الفرد نفسه روحانياً عن طريق تنمية الفضائل الروحانية والأخلاق، وتنمية المهارات التي وهبه إياها الله لينتفع بها المجتمع من حوله.

أما التحول لدى المجتمع فيقتضي أن يصبح جميع أفراد المجتمع عاملين على خدمة المصلحة العامة، لأنه بحسب التعاليم البهائية، فإن الخدمة هي بمثابة العبادة لله. فقد تفضل حضرة بهاء الله: "فضلُ الانسان في الخدمة والكمال لا في الزينة والثروة والمال 1".
من هذا المنطلق، يعمل البهائيون في لبنان بهذه المبادئ والتعاليم لتنمية أحيائهم ومدنهم وبلادهم من خلال برامج تنمي قدرات الأطفال والشباب والكبار. وهي برامج تساعد على تطوير عملية بناء المجتمع.
لذلك يدعو البهائيون في لبنان جميع إخوانهم وأخواتهم في الوطن على اختلاف ثقافاتهم وانتماءاتهم وعقائدهم ومستوياتهم العلمية، إلى مشاركتهم في هذا العمل الجماعي.

الشباب:

فمع أن واقع حياة الشاب اللبناني قد شكلّته ظروف متعددة مُتباينة، إلاّ أن الرغبة في إيجاد تغيير بنّاء والقدرة على القيام بخدمة هادفة، وهما من سِمات مرحلة الشّباب، لا تقتصران على جنسية أو مذهب، ولا تتوقفان على الوسائل المالية والمادية.

فترى الكثير منهم اليوم يحفّزهم حبّهم لبناء عالمٍ أفضل "تحيطه أنوار العدل"، مستعدون ليُؤثروا احتياجات الآخرين على احتياجاتهم، يدفعهم وعيهم بما يرونه من حولهم من إخفاقات المجتمع إلى العمل من أجل تغييره لا النأي بأنفسهم عنه؛ هم شبابٌ يرفضون التغاضي عن الظلم بأشكاله المتعددة، وبدل من ذلك يعملون بكدٍّ لمدّ يد العون لمن حولهم ممن يماثلونهم في الرؤيا ليعملوا معاً في مجال التنمية الروحانية والاجتماعية.

الشّباب الناشئ:

إنّنا جميعاً مطّلعين على أوضاع البلاد الصعبة التي يتوجّب على الشّباب الناشئ (من هم بين 11 و15 سنة) أن يشّقوا طريقهم فيه بكل أخطاره المُحيطة وفُرصِه المتاحة، فالكل يُدرك بكل سهولة ويُسر أهمّيّة تقويتهم وإعدادهم روحانيًّا.
فالشّباب يمدّون يد العون لمن هم أصغر منهم سنًّا، من خلال برامج تنمّي لديهم الفضائل الانسانية والأخلاق الروحانية ويتهيّئوا لتحمّل مسؤوليّة خير ورفاه أحيائهم ومدنهم ومجتمعهم، ويساعدونهم على تعزيز قوّة التّعبير لديهم، وعلى غرس حسّ أخلاقي قويّ في نفوسهم حيث يتفضل حضرة بهاء الله "بأعمالكم تَزيّنوا لا باقوالكم"، فيصبح حسّهم الشخصي بالهدف ظاهراً بشكلٍ أوضح.
إن للسيّر على طريق الخدمة برفقة الآخرين فوائد جمّة وعظيمة. فعلاقة الزّمالة الحُبيّة، والتّشجيع المتبادل، والرّغبة في التعلّم معاً، والمشورة التي هي من الخصائص الطبيعية لأي مجموعة من الأفراد تعمل من صميم قلبها لتحقيق هدف مشترك، ينبغي لها أن تسِم العلاقات الضّروريّة التي تربط مكوّنات المجتمع معاً أيضاً حتى ينجح العمل الجماعي.

[1] المصدر: مجموعة من ألواح حضرة بهاء الله، من منشورات دار النشر البهائية في بلجيكا 1980، ص 117-118.