معاً نبني

لبنان هو بلد التّنوّع الاجتماعي والثّقافي والدّيني والمذهبي، ويُمكن لهذا التّنوّع أن يكون وسيلةً للازدهار والتّقدّم في شتّى مجالات العلم والثّقافة والاقتصاد وغيرها من معالم المدنيّة المتطوّرة في عصرنا؛ فمثل هذا التّنوّع والتّعدّد يُنتج غنىً في الفكر والإبداع، ويصير التّفاعل بين مكوّنات المجتمع المتنوّعة مصدرًا للرقيّ الرّوحي والثّقافي والمادّي في إطار الوحدة الّتي تحافظ على التّنوّع وتحترم وجوده.

يجب أن لا نغفل عن "عمليّة الهدم" الّتي يعاني منها مجتمعنا اليوم، والتي تتسبّب في خلق الكثير من الارتباك والمعاناة والمآسي الّتي لا تستثني أيّ فئة من الفئات المكوّنة لمجتمعنا. لكن يجب أن لا نغفل أيضًا عن وجود "عمليّة بناء" مقابلة يقودها كلّ من يحبّ الخير والصّلاح لأبناء جنسه، فتساهم عمليّة البناء هذه في إعادة جمع كلّ ما تفرّقه عمليّة الهدم تلك.

إنّ المحبّة الخالصة الّتي يجب أن تربط بعضنا ببعض، كأبناء وطن واحد، كفيلةٌ بتماسك المجتمع الّلبناني واتّحاده وبتجاوزه المصاعب والتّحدّيات الّتي يعيشها، كما أنّ قِيَمَنا الرّوحانية الّتي نؤمن بها إيمانًا راسخًا تجعلنا نقدّم، وبكلّ إخلاص، أيّ خدمة قد تدفع بوطننا نحو البناء والتّنمية الاجتماعيّة والرّقيّ الرّوحاني. لقد رفع حضرة بهاء الله في القرن التّاسع عشر نداءه القائل: "عَاشِرُوا يَا قَوْمِ مَعَ الأَدْيَانِ كُلِّهَا بِالرَّوْحِ وَالرَّيْحَانِ"، وبذلك أراد أن لا يكون الدّين، الّذي هو في الأصل من أجل سعادة البشريّة، سببًا في التّفرّق والنّزاع كما هو الحال في يومنا هذا، لعلّ أهل الأديان كافّة، وحتّى مَن لا يؤمنون بدين، يصبحون أبناء عائلة واحدة هي عائلة الإنسانيّة، فتزول النّزاعات الهدّامة ويحلّ مكانها قوّة المحبّة الّتي تبني ولا تدمّر.